كانت البداية في أواخر سبعينيّات القرن العشرين
كنت أعمل في شركة "الأنابيب" في المصلحة التّجاريّة. و صادف أن تقرّر آنذاك الاعتماد على الإعلاميّة كواسطة حديثة. و لا تَسَلْ عن سخرية الموظّفين من هذا القرار الذي اعتبروه مزاحما و خطرًا على وظائفهم. وشاعت بينهم النِّكاتُ حول تلك البطاقات المثقوبة التي كانت تُعْتَمَدُ للبرمجة. كما حاولوا البرهنة على استحالة ترجمة المعطيات إلى لغةٍ كانوا يجهلونها و المعتمدة على ثنائيّة 0.1
و أذكر أنّه كان لي صديق عاد من توّه من فرنسا متحصّلا على شهادة عُلْيا في شبكات الإعلاميّة و بقي مدّة يفتّش عن وظيفة في اختصاصه فأشرت عليه بتقديم مطلب في الغرض إلى مصلحة العلاقات البشريّة فتمّ رفض مطلبه بداعي عدم وجود وظيفة تتلاءم و تخصّصه. و لم تطل بطالته حيث تمّ انتدابه بالبنك المركزيّ ليصبح فيما بعد مديرا به
و تعرّضت محاولة إدماج الإعلاميّة في طُرُقِ التّسيير إلى صعوبات جمّة كان منشأها عدم أهليّة الموظّفين للعمل بها. و لكنّ الأمر انتهى بتعوّدهم شيئا فشيئا عليها ممّا جعل العمليّة تنجح و يقع تعميمها
و لكن حالت دوني و دون استغلال تلك التّجربة عوامل عديدة منها السّجن بتهمة السّعي إلى تكوين نقابة موازية للاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل، غير شرعيّة و ذات خلفيّة إسلاميّة (وهي الطّامّة العُظمى) ومرّت بعد ذلك سِنونَ عِجافٌ حتّى بداية التّسعينات